words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

مشروعية التهجد مع جماعة المسلمين في العشر الأواخر من رمضان


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه التراويح التي يصليها الناس هذه الأيام بعد العشاء ليست هي التي كان يصليها الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، قال السائب بن يزيد: أمر عمر بن الخطاب أبيّ بن كعب وتميما الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر". 
أخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 115، ومن طريقه النسائي في "السنن الكبرى" (4670)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 293، والفريابي في "الصيام" (174)، والبيهقي 2/ 496، وفي "المعرفة" (5414)، وفي "فضائل الأوقات" (126) بإسناد صحيح [1]
وروى مالك أيضا 1/ 116، ومن طريقه الفريابي في "الصيام" (177) و (178) عن عبد الله بن أبي بكر، قال: سمعت أبي يقول: "كنا ننصرف في رمضان، فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر"، فصلاة الصحابة كانت تستمر حتى أنهم كانوا يخافون أن يفوتهم السحور، فمن المجازفة القول ببدعية التهجد الذي يفعله المسلمون اليوم، لأنه لا ضير على من يصلي  شيئا من التراويح، ثم يرجع آخر الليل ليوتر فيما بقي له من صلاته في جماعة حتى يدرك وقت الفضيلة، لقوله صلى الله عليه وسلم "فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل" رواه مسلم (755)، وإن لهديه صلى الله عليه وسلم جهتان، جهة عددية، وأخرى زمنية، فنحن نحرص على هديه صلى الله عليه وآله وسلم في الزمن فيما بقي من الإحدى عشرة ركعة طلبا للمغفرة من الله تعالى في هذا الزمن الفاضل وقت نزول الله تعالى، وتحريا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فقد بوّب ابن خزيمة في "صحيحه" (باب ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خص القيام بالناس هذه الليالي الثلاث لليلة القدر فيهن) ثم روى (2205)، وأحمد 5/ 180 بإسناد صحيح عن أبي ذر، أنه قال:
"قام بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قال: «ما أحسب ما تطلبون إلا وراءكم»، ثم قام ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قال:
 «ما أحسب ما تطلبون إلا وراءكم»، ثم قمنا ليلة سبع وعشرين إلى الصبح".
 وكان الصحابة رضي الله عنهم في خلافة أبي بكر يصلون جماعة  في المسجد أول الليل وآخره أفرادا وجماعات، روى ابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 713 من طريق أبي سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن قالا: 
"كان الناس يقومون رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه، وبعض إمارة عمر رضي الله عنه فرادى، حتى جعل الرجل الذي معه القرآن إذا صلى جاء القوم يقفون خلفه، حتى صاروا في المسجد زمرا، هاهنا زمرة، وهاهنا زمرة، مع كل من يقرأ...".
 ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا بالتزام وقتٍ خاص ولم يقيّد الصلاة بعدد معين، أما بخصوص عدم إلتزام وقت معين فقد قالت عائشة رضي الله عنها:
"من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر". 
أخرجه البخاري (996)، ومسلم (745).
وأما عدم التقييد بعدد معيّن، فقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم بقيام رمضان من غير تقييد لعدد ركعاته، فقال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وقال:
"صلاة الليل مثنى مثنى" متفق عليه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" فالمراد به الكيفية، وليس العدد، لأن الأحاديث الدالة على عدم التحديد فيه مخصصة لهذا الحديث على وجوب التأسي في الكيفية لا في العدد، فقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم السائل عن صلاة الليل بأنها "مثنى مثنى، فإذا أردت أن تنصرف، فاركع ركعة توتر لك ما صليت" 
رواه البخاري (993)، وفي رواية له (473) "فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت"، فقيّدها برغبة الانصراف أو خشية الصبح، ولم يذكر عددا، وإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التخفيف على أمته فقد قالت عائشة رضي الله عنها: 
"إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيكتب عليهم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها" متفق عليه.
 ومما لا شك فيه أن التأسي بفعله صلى الله عليه وسلم أفضل، لكن هذا لا ينافي مشروعية الزيادة على إحدى عشرة ركعة أو بأقلّ منها، وقد ثبت أن الصحابة كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة، فقد روى أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2825)، ومن طريقه البيهقي 2/ 496، وفي "فضائل الأوقات" (127)، والفريابي في "الصيام" (176) عن ابن أبى ذئب، والبيهقي في "السنن الصغير" (821)، وفي "المعرفة" (5409) من طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال: 
"كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى شهر رمضان بعشرين ركعة، قال: وكانوا يقرءون بالمئين، وكانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه من شدة القيام".
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في "طرح التثريب" 3/ 97: 
"وعدوا ما وقع في زمن عمر رضي الله عنه كالإجماع".
وعن يزيد بن رومان: قال: "كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة".
أخرجه مالك 1/ 115، ومن طريقه الفريابي في "الصيام" (179) و (180)، والبيهقي 2/ 496، وإسناده منقطع، يزيد بن رومان لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (7733) عن الأسلمي، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن السائب بن يزيد قال: 
"كنا ننصرف من القيام على عهد عمر، وقد دنا فروع الفجر، وكان القيام على عهد عمر ثلاثة وعشرين ركعة".
وإسناده ضعيف جدا، الأسلمي هو إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى: متروك الحديث، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 114: "وروى الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن السائب بن يزيد، قال: كان القيام على عهد عمر بثلاث وعشرين ركعة - قال ابن عبد البر -: هذا محمول على أن الثلاث للوتر"، فلا أدري أهو طريق آخر عن الحارث أم هي نفسها رواية عبد الرزاق؟!، والذي يجعلني أستبعد الثاني، تأويل ابن عبد البر لهذا الحديث فهو فرع التصحيح، وكذا إقرار العيني له في "عمدة القارة" 11/ 127، فقد قال: "وقال شيخنا: وما حمله عليه في الحديثين صحيح، بدليل ما روى محمد بن نصر من رواية يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أنهم كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة في زمان عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه".
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 392 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري: "أن عمر بن الخطاب أمر رجلا يصلي بهم عشرين ركعة".
وإسناده منقطع، يحيى بن سعيد لم يدرك عمر رضي الله عنه، ومثله ما أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 393 من طريق عبد العزيز بن رفيع، قال: 
"كان أبي بن كعب يصلي بالناس في رمضان بالمدينة عشرين ركعة ويوتر بثلاث".
 وقال محمد بن كعب القرظي كما في "مختصر قيام الليل" (ص 220) لابن نصر المروزي: "كان الناس يصلون في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رمضان عشرين ركعة يطيلون فيها القراءة ويوترون بثلاث".
وأخرج أحمد بن منيع كما في "إتحاف الخيرة" (1726)، ومن طريقه الضياء في "الأحاديث المختارة" (1161) أخبرنا الحسن بن موسى، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب:
"أن عمر أمر أبيا أن يصلي بالناس في رمضان، فقال: إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرؤا فلو قرأت القرآن عليهم بالليل، فقال: يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن، فقال: قد علمت ولكنه أحسن فصلى بهم عشرين ركعة".
 وهذا حديث صحيح بما قبله، وإسناده ضعيف، أبو جعفر الرازي هو عيسى بن ماهان: قال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال النسائي: ليس بالقوي، ووثقه أبو حاتم! 
ولا تعارض بين رواية الإحدى عشرة ركعة، ورواية العشرين، لأن الجمع ممكن فقد جمع البيهقي بينهما بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بإحدى عشرة ركعة زمانا، ثم أمر بعدُ بالعشرين، ولأن في رواية ابن خصيفة ما ليس في رواية محمد بن يوسف، ففيها أنهم "كانوا يتوكئون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه من شدة القيام"، وهذا هو الثابت عن السلف، فقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 393 حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء، قال: 
"أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر".
وهذا إسناد حسن، عبد الملك هو ابن أبى سليمان العرزمي: صدوق، وباقي رجاله ثقات.
وأخرج عبد الرزاق (7741)، ومن طريقه الطبراني 9/ (9588)، وابن أبي شيبة 2/ 395 من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، قال:
"كان عبد الله يؤمنا في رمضان وينصرف وعليه ليل"، وأخرجه ابن نصر كما في "مختصر قيام الليل" (ص 221)، وزاد: "قال الأعمش: "كان يصلي عشرين ركعة ويوتر بثلاث".
وأخرج ابن أبي شيبة 2/ 392 عن وكيع، عن حسن بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن أبي الحسناء:
 "أن عليا أمر رجلا يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة".
وإسناده ضعيف، أبو الحسناء: مجهول.
وأخرجه الآجري في "الشريعة" (1240) من طريق الحكم بن مروان قال: حدثنا الحسن بن صالح بإسناده، ولفظه:
"أمر رجلا أن يصلي بالناس في رمضان خمس ترويحات عشرين ركعة".
وأخرجه البيهقي 2/ 497 من طريق الحكم بن مروان السلمي، أخبرنا الحسن بن صالح، عن أبى سعد البقال، عن أبي الحسناء به.
فصار سعيد بن المرزبان بدلا عن عمرو بن قيس، وقال البيهقي:
"وفي هذا الإسناد ضعف".
وله طريق أخرى عن علي:
أخرجه البيهقي 2/ 496 من طريق حماد بن شعيب، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه قال: 
"دعا القراء فى رمضان، فأمر منهم رجلا يصلى بالناس عشرين ركعة. قال: وكان علي رضى الله عنه يوتر بهم".
وهذا إسناد ضعيف، حماد بن شعيب: ضعفه ابن معين، والنسائي، وقال البخاري: فيه نظر.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
وعطاء بن السائب: صدوق اختلط كما في "التقريب". 
وعن عبد الله بن قيس أن شتير بن شكل وهو من أصحاب علي رضي الله عنه "كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر".
أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 392، وفي إسناده عبد الله بن قيس: مجهول.
وفي "مختصر قيام الليل" (ص 221) لابن نصر المروزي"عن شتير: وكان من أصحاب عبد الله المعدودين".
وقال البييهقي في "السنن الكبرى" 2/ 496، وفي "فضائل الأوقات" (ص 276):
"وروينا عن شتير بن شكل وكان من أصحاب علي رضي الله عنه أنه كان يؤمهم في شهر رمضان بعشرين ركعة ويوتر بثلاث".
وأخرج البيهقي 2/ 496 من طريق محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا أبو الخصيب قال: 
"كان يؤمنا سويد بن غفلة في رمضان، فيصلي خمس ترويحات عشرين ركعة".
وهذا إسناد صحيح، أبو الخصيب هو نفاعة بن مسلم: قال ابن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: ليس به بأس.
ووثقه ابن حبان 7/ 547.
وهذه الروايات بمجموعها تجعلنا على يقين أن قيام رمضان لم يقيّد بعدد معين، قال الحافظ في "الفتح" 4/ 253-254:
"والاختلاف فيما زاد عن العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر وكأنه كان تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث، وروى محمد بن نصر من طريق داود بن قيس، قال: أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز - يعني بالمدينة - يقومون بست وثلاثين ركعة، ويوترون بثلاث.
 وقال مالك: هو الأمر القديم عندنا.
 وعن الزعفراني عن الشافعي: رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق. 
وعنه قال: إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن، وإن أكثروا السجود وأخفوا القراءة فحسن، والأول أحب إلي.
 وقال الترمذي: أكثر ما قيل فيه أنها تصلى إحدى وأربعين ركعة. يعني بالوتر كذا قال، وقد نقل ابن عبد البر عن الأسود بن يزيد: تصلى أربعين ويوتر بسبع، وقيل ثمان وثلاثين. ذكره محمد بن نصر عن ابن أيمن عن مالك، وهذا يمكن رده إلى الأول بانضمام ثلاث الوتر، لكن صرح في روايته بأنه يوتر بواحدة فتكون أربعين إلا واحدة، قال مالك: وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة، وعن مالك: ست وأربعين وثلاث الوتر وهذا هو المشهور عنه، وقد رواه ابن وهب عن العمري عن نافع قال: لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعا وثلاثين يوترون منها بثلاث وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم بالبصرة أربعا وثلاثين ويوتر، وعن سعيد بن جبير: أربعا وعشرين، وقيل ست عشرة غير الوتر روى عن أبي مجلز عند محمد بن نصر".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" 22/ 272: 
"قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عددا معينا، بل كان هو صلى الله عليه وسلم  لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ثم يوتر بثلاث، وكان يخف القراءة بقدر ما زاد من الركعات لأن ذلك أخف على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة ويوترون بثلاث وآخرون قاموا بست وثلاثين وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه فقد أحسن، والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين فإن كان فيهم احتمال لطول القيام فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك، وقد نص على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد موقت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ".

وقال العلامة أبا بطين كما في "الدرر السنية" 4/ 369-370:
"لا توقيت في عدد التراويح، وأن وقتها عند جميع العلماء من بعد سنة العشاء إلى طلوع الفجر، وأن إحياء العشر سنة مؤكدة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ليالي جماعة، كما قدمنا، فكيف ينكر على من زاد في صلاة العشر الأواخر عما يفعله أول الشهر، فيصلي في العشر أول الليل كما يفعل في أول الشهر، أو أقل، أو أكثر، من غير أن يوتر؟ وذلك لأجل الضعيف لمن يحب الاقتصار على ذلك، ثم يزيد بعد ذلك ما يسره الله في الجماعة، ويسمى الجميع قيامًا وتراويح، وربما اغتر المنكر لذلك بقول كثير من الفقهاء: يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة. وعللوا عدم استحباب الزيادة على ختمة بالمشقة على المأمومين، لا لكون الزيادة غير مشروعة، ودل كلامهم لو آثروا الزيادة على ختمة كان مستحبًا، وذلك مصرح به في قولهم: إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة.
وأما ما يجري على ألسنة العوام، من تسميتهم ما يفعل أول الليل تراويح، وما يصلي بعد ذلك قيامًا، فهو تفريق عامي، بل الكل قيام، وتراويح، وإنما سمي قيام رمضان تراويح، لأنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات من أجل أنهم كانوا يطيلون الصلاة، وسبب إنكار المنكر لذلك لمخالفته ما اعتاده وألفه من عادة أهل بلده، وأكثر أهل الزمان، ولجهله بالسنة والآثار، وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام، وما يظنه بعض الناس من أن صلاتنا في العشر هي صلاة التعقيب الذي كرهه بعض العلماء، فليس كذلك، لأن التعقيب هو التطوع جماعة بعد الفراغ من التراويح والوتر، هذه عبارة جميع الفقهاء في تعريف التعقيب أنه التطوع جماعة بعد الوتر عقب التراويح، فكلامهم ظاهر في أن الصلاة جماعة قبل الوتر ليس هو التعقيب.
وأيضا، فالمصلي زيادة عن عادته في أول الشهر، يقول: الكل قيام وتراويح، فهو لم يفرغ من التراويح، وأما تسمية الزيادة عن المعتاد قياما، فهذه تسمية عامية، بل الكل قيام وتراويح".

وقال العلامة ابن باز:
"قيام رمضان سنة في المساجد، يقول صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، كونه يقوم رمضان مع إخوانه في المساجد أفضل، وإن صلّى في بيته ولا حرج، وليس لها حدٌ محدود، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاثة عشرة، هذا الأفضل، وإن صلّى أكثر، عشرين والوتر، ثلاثين والوتر، أربعين والوتر ما في حرج والحمد لله، لكن أفضلها هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة هذا أكثر ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل سواء صلاها في أول الليل، أو في وسط الليل أو في آخر الليل، أو فرقها صلّى بعضها في أوله وبعضها في وسطه، أو بعضها في أوله وبعضها في آخره، كل هذا لا حرج فيه، وهكذا في المساجد إذا صلوها جميعاً في أول الليل أو صلوها في آخر الليل أو بعضها في أول الليل وبعضها في آخر الليل، كل هذا بحمد الله لا حرج فيه، هذا أمر موسع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما شرط شيئاً، قال: (من قام رمضان) ولما دخلت العشر أحياها كلها عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع، إذا أحيا العشر كلها من أولها إلى آخرها فهذا أفضل، وإن استراح فيما بينها فلا بأس، وإذا صلّى التراويح في أول الليل أو اتفقوا على أن يصلوها في آخر الليل كل ذلك لا بأس به، والحمد لله".
مفرغ من شريط في موقع الشيخ رحمه الله تعالى http://www.binbaz.org.sa/noor/6674



كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبـــــدان
حســــــن التمــــــام
24 رمضان 1438
________

1 - وتابع مالكا: يحيى بن سعيد القطان كما في "مصنف ابن أبي شيبة" 2/ 391-392، و "تاريخ المدينة" 2/ 713 لابن شبة، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري كما في "حديث علي بن حجر السعدي عنه" (440).
وخالفهم داود بن قيس الفراء، ومحمد بن إسحاق:
 فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7730) عن داود بن قيس، وغيره، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد: 
"أن عمر جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب، وعلى تميم الداري على إحدى وعشرين ركعة يقرءون بالمئين وينصرفون عند فروع الفجر".
وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل" كما في "الفتح" 4/ 254 من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن يوسف، عن جده السائب بن يزيد، قال:
"كنا نصلي زمن عمر في رمضان ثلاث عشرة"، قال ابن إسحاق: وهذا أثبت ما سمعت في ذلك وهو موافق لحديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام