words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

شيء من فقه وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمر



أخرج البخاري (6416)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا" (185)، وابن حبان (698)، وفي "روضة العقلاء" (ص: 148)، والخطابي في "العزلة" (39)، والطبراني (13470)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/301، والبيهقي 3/368، وفي "الشعب" (10245)، وفي "الأربعين الصغرى" (32)، وفي "الآداب" (1125): من طريق محمد بن عبد الرحمن أبي المنذر الطفاوي، عن سليمان الأعمش، قال: حدثني مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال:
"
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال:
 "كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل"، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك" والسياق للبخاري.
هذا إرشاد نبوي كريم، ووصية عظيمة ينبغي ألا تغيب لحظة عن السائرين إلى الله ، والراغبين في مرضاته، فإن المتأمل في حقيقة الدنيا، يعلم أنها لم تكن يوما دار إقامة أبدية - وإن كان ظاهرها يوحي بنضارتها وجمالها - إلا أن حقيقتها فانية، ونعيمها زائل، كالزهرة النضرة التي سرعان ما يذهب بريقها وجمالها، فبعد قليل ينكشف البهرج، وينكب الزغل، نعم تلك هي حقيقة الدنيا التي غرت كثيرا من الناس بزينتها وزخرفها ، فاطمأنوا إليها ورضوا بها وفرحوا، وأعرضوا عن الآخرة ونسوها، وألهتهم دنياهم عن آخرتهم، ولسان حالهم يقول: أنهم مخلدون فيها ولا يكدر سعادتهم أي شيء، وجهلوا أنها لا تصفو فيها سعادة، ولا تدوم فيها راحة، ولا يخلد فيها أحد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
"أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد "أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عمر رضي الله عنهفكيف لعاقل أن يتخذها وطنا له ومحلا لإقامته فيعمرها بخراب آخرته ، حتى إذا جاء أمر الله انكشف له حقيقة زيفها ، وتبين له أنه كان يركض وراء سراب لا حقيقة له : {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
وكان أعلم الناس بحقيقة هذه الدنيا يقول: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة" صلى الله عليه وآله وسلمقال ابن رجب: "فإن المؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا ومسكنا فيطمئن فيها ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر  يُهَيِّئُ جهازه للرحيل وقد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعهم قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون أنه قال {إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار }، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها ". ومن وصايا المسيح عليه السلام لأصحابه أنه قال:" لهم اعبروها ولا تعمروها". وروي عنه أنه قال:
" من ذا الذي يبني على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا". ودخل رجل على أبي ذر فجعل يقلب بصره في بيته فقال يا أبا ذر أين متاعكم ؟! فقال إن لنا بيتا نتوجه إليه فقال إنه لا بد لك من متاع ما دمت هاهنا فقال إن صاحب المنزل لا يدعنا هاهنا . ودخلوا على بعض الصالحين فقلبوا بصرهم في بيته فقالوا إنا نري بيتك بيت رجل مرتحل فقال لا أرتحل ولكن أطرد طردا ، وكان على بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: "إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ". قال بعض الحكماء: عجبت ممن الدنيا مولية عنه والآخرة مقبلة إليه يشغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلةوقال عمر بن عبدالعزيز في خطبته: إن الدنيا ليست بدار قراركم كتب الله عليها الفناء وكتب الله على أهلها منها الظعن فكم من عامر موثق عن قليل يخرب وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة وتزودوا فإن خير الزاد التقوي وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة ولا وطنا فينبغي للمؤمن أن يكون حاله فيها على أحد حالين إما أن يكون كأنه غريب مقيم في بلد غربة همه التزود للرجوع إلى وطنه أو يكون كأنه مسافر غير مقيم البتة بل هو ليله ونهاره يسير إلى بلد الإقامة فلهذا وصي النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يكون في الدنيا على أحد هذين الحالين فأحدهما أن يترك المؤمن نفسه كأنه غريب في الدنيا يتخيل الإقامة لكن في بلد غربة فهو غير متعلق القلب ببلد الغربة بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه وإنما هو مقيم في الدنيا ليقضي مرمة جهازه إلى الرجوع إلى وطنه قال الفضيل بن عياض المؤمن في الدنيا مهموم حزين همه مرمة جهازه ومن كان في الدنيا كذلك فلا هم له إلا التزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه فلا ينافس أهل البلد الذي هو غريب بينهم في عزهم ولا يجزع من الذل عندهم قال الحسن المؤمن كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزها له شأن وللناس شأن لما خلق الله آدم عليه السلام أسكن هو وزوجته الجنة ثم أهبط منها ووعد بالرجوع إليها وصالحوا ذريتهما فالمؤمن أبدا يحن إلى وطنه الأول وحب الوطن من الإيمان كما قيل: كم منزل للمرء يألفه الفتي وحنينه أبدا لأول منزل ". وما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليترك أصحابه دون أن يبين لهم ما ينبغي أن يكون عليه حال المؤمن في الدنيا ، ودون أن يحذرهم من الركون إليها؛ فهو الناصح الأمين بحق، فإنه يتخولهم بالموعظة، ويضرب لهم الأمثالقال العرباض بن سارية:
 "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار "رواه أبو داود والترمذي وقال:
"حديث حسن صحيح " .
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم
"إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ".
أخرجه الترمذي (2312) من حديث أبي ذر، وأصله في" الصحيحين ". قوله " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ".
إن عابر السبيل أكمل زهدا من الغريب، لأن عابر السبيل لا قرار له ولا استيطان فهو مستمر في سفره حتى يبلغ منزله ووطنه، والغريب يجلس ويسكن لكنه مستوحش من مقامهولقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنكبي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما من أجل أن يستحضر ما يقوله، وليسترعي بذلك انتباهه، ويجمع إليه فكره، ويشعره بأهمية ما سيقوله له، فانسابت تلك الكلمات إلى روحه مباشرة: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل.
وهذا من مخاطبة الفرد وإرادة الجمع، فإن هذا لا يخص ابن عمر رضي الله عنهما ، بل يعم جميع الأمة ، وانظر كيف شبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقام المؤمن في الدنيا بحال الغريب؛ فإنك لا تجد في الغريب ركونا إلى الأرض التي حل فيها أو أنسا بأهلها ، ولكنه مستوحش من مقامه، دائم القلق، لم يشغل نفسه بدنيا الناس، بل اكتفى منها بالشيء اليسير الذي يتبلغ به إلى وطنه الأصلي ، ولقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم غربة المؤمن في هذه الدنيا ، والتي تقتضي منه التمسك بالدين، ولزوم الاستقامة على منهج الله تعالى، حتى وإن فسد الناس، أو حادوا عن الطريق، فصاحب الاستقامة له هدف يصبو إليه، وسالك الطريق لا يوهنه عن مواصلة المسير تخاذل الناس ، أو إيثارهم للدعة والراحة، وهذه هي حقيقة الغربة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء".
فإذا كان المسلم سالكا لطريق الاستقامة، فلا يغرره كثرة المنحرفين عنه، وعلى المؤمن أن يكون حريصا على قلة مخالطة من كان قليل الورع ، ضعيف الديانة، فيسلم بدينه الذي هو رأس ماله، فمن فرط فيه وعرضه للفتن فقد خاب وخسر، ومن حافظ عليه واعتنى به فقد أفلح ونجح، ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وآله وسلم : "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر " رواه مسلم (2720) من حديث أبي هريرةقال المناوي في "فيض القدير" 2/173:
"(اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري) أي: الذي هو حافظ لجميع أموري، فآن من فسد دينه فسدت جميع أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة ولا يفهم مما سبق آن مخالطة الناس عودة للمذمومة بالجملة، أو أن الأصل هو اعتزال الناس ومجانبتهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبر على أذاهم" حديث صحيح - أخرجه أحمد 2/ 43، والترمذي (2507 )، وغيرهماولنا في رسول الله أسوة حسنة فإنه كان يخالط الناس ولا يحتجب عنهم ، وإنما الضابط في هذه المسألة: أن يعتزل المرء مجالسة من يضره في دينه، ويشغله عن آخرته، بخلاف من كانت مجالسته ذكرا لله تعالى، وتذكيرا بالآخرة، وتوجيها إلى ما ينفع في الدنيا والآخرةوقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (كأنك غريب، آو عابر سبيل)، ففي هذه العبارة ترق بحال المؤمن من حال الغريب إلى حال عابر السبيل، فعابر السبيل: لا يأخذ من الزاد سوى ما يكفيه مؤونة الرحلة، ويعينه على مواصلة السفر، لا يقر له قرار، ولا يشغله شيء عن مواصلة السفر، حتى يصل إلى أرضه ووطنهقال داود الطائي: "إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عما قريب، والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك ". وهكذا يكون المؤمن، مقبلا على ربه بالطاعات، صارفا جهده ووقته وفكره في مرضات الله تعالى، ولا تشغله دنياه عن آخرته، قد وطن نفسه على الرحيل، فاتخذ الدنيا مطية إلى الآخرة، وأعد العدة للقاء ربهعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له "أخرجه الترمذي (2465)، وغيره، وصححه الألبانيقال محمد بن إسحاق الكلاباذي:
"في الحديث معنيان: أحدهما: الترغيب في الزهد في الدنيا والإعراض عنها، والرغبة في الآخرة والإقبال عليها، والتشجيع في ترك الدنيا بمعنى الإنفاق ممن هي في يديه ، والإعراض عنها ممن ليست عنده، كأنه صلى الله عليه وسلم، يقول: من أعرض عن الدنيا، وأقبل على الآخرة، رزق الفراغ والتنعم وجمع الشمل، وأتته الدنيا أي الرفق فيها والمهنأ منها فيكون له المهنأ دون الشغل ، والرفق من غير تعب فهو غني وإن عدم القوت ، ومن أقبل على الدنيا وأعرض عن الآخرة شغل بما لا يجري ، وتعب فيما لا يغني، فتزداد الدنيا عنه بعدا، لأنه لا يصيب منها إلا المقدور، والمقدور لا يغنيه، وإن كثر لغلبة الحرص عليه والتأسف على فوت ما لم يقدر له . تعب الطلب، والخيبة في التعب، فهو فقير وإن ملك الدنيا. والمعنى الآخر: تنبيه وإرشاد في الرجوع إلى الله تعالى، والإقبال على الله، وأنه أسير القدرة سليب القبضة، وإن أفعاله تبع لفعل الله به، وإنها إنما تكون بالله تعالى، فيكون العبد مأخوذا عن أوصافه، ومصروفا عن نظره إلى أفعاله معترفا بعجزه، مقرا باضطراره ، عالما بضرورته وافتقاره، كأنه صلى الله عليه وسلم، يقول: إنما تكون الآخرة همه من جعل الله الغناء في قلبه وجمع له شمله ، لأنه لا يقبل على الآخرة إلا من استغنى عن الدنيا ، فإن الدنيا حجاب الآخرة فإذا رفع الحجاب عن بصر القلب رأى الآخرة بعين إيقانه، ومن نظر إلى الآخرة شغل عن الدنيا، صارت مرفوعة منه متروكة عنه، قال حارثة: عزفت نفسي عن الدنيا فكأني أنظر إلى أهل الجنة ، إلى آخر الحديث. فمن أغناه الله تعالى عن الدنيا بالزهد فيها، والرغبة عنها صارت الآخرة همه، لأن الإنسان حريص، والنفس راغبة، إما ترغب إلى الدنيا أو إلى الآخرة، فإذا حجبت عن الدنيا بالعزوف عنها، والاستغناء منها افتقرت إلى الآخرة، ورغبت فيها. قيل لعمر بن عبد العزيز لما أفضت الخلافة إليه : قد زهدت في الدنيا أمير المؤمنين؟ فقال: إن أنفسنا تواقة تاقت إلى الدنيا، فلما أصابتها تاقت إلى الآخرة ". وقال ابن رجب:" وأما وصية ابن عمر فهي مأخوذه من هذا الحديث الذي رواه وهي متضمنة لنهاية قصر الأمل وإن الإنسان إذا أمسي لم ينتظر الصباح وإذا أصبح لم ينتظر المساء بل يظن أن أجله يدرك قبل ذلك وبهذا فسر غير واحد من العلماء الزهد في الدنيا قال المروزي قيل لأبي عبدالله يعني أحمد أي شيء الزهد في الدنيا قال قصر الأمل من إذا أصبح قال لا أمسي قال وهكذا قال سفيان قيل لأبي عبدالله بأي شيء نستعين على قصر الأمل قال ما ندري إنما هو توفيق قال الحسن اجتمع ثلاثة من العلماء فقالوا لأحدهم ما أملك قال ما أتي على شهر إلا ظننت أني سأموت فيه قال فقال صاحباه إن هذا هو الأمل فقالا لأحدهم فما أملك قال ما أتت على جمعة إلا ظننت أني سأموت فيها قال فقال صاحباه إن هذا هو الأمل فقالا للآخر فما أملك قال ما أمل من نفسه في يد غيره قال داود الطائي سألت عطوان بن عمرو التيمي قلت ما قصر الأمل قال ما بين تردد النفس فحدث بذلك الفضيل بن عياض فبكي وقال يقول يتنفس فيخاف أن يموت قبل أن ينقطع نفسه لقد كان عطوان من الموت على حذر وقال بعض السلف ما نمت نوما قط فحدثت نفسي أني أستيقظ منه ، وكان حبيب أبو محمد كل يوم يوصي بما يوصي به المحتضر عند موته من يغسله ونحوه ، وكان يبكي كلما أصبح أو أمسي فسألت امرأته عن بكائه فقالت: يخاف الله إذا أمسي أن لا يصبح وإذا أصبح أن لا يمسي، وكان محمد بن واسع إذا أراد أن ينام قال لأهله أستودعكم الله فلعلها أن تكون منيتي لا أقوم منها ، وكان هذا دأبه إذا أراد النوم وقال بكر المزني إن استطاع أحدكم أن لا يبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب فليفعل فإنه لا يدري لعله أن يبيت في أهل الدنيا ويصبح في أهل الآخرة ، وكان أويس إذا قيل له كيف الزمان عليك قال كيف الزمان على رجل إن أمسي يظن أنه لا يصبح وإن أصبح ظن أنه لا يسمي فمبشر بالجنة أو النار وقال عون بن عبدالله ما أنزل الموت كنه منزلته من عد غدا من أجله كم من مسقبل يوما لا يستكمله وكم من مؤمل لغد لا يدركه إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره لبغضتم الأمل وغروره ، وكان يقول إن من أنفع أيام المؤمن له في الدنيا ما ظن أنه لا يدرك آخره وكانت امرأة متعبدة بمكة إذا أمست قالت يا نفس الليلة ليلتك لا ليلة لك غيرها فاجتهدت فإذا أصبحت قالت يا نفس اليوم يومك لا يوم لك غيره فاجتهدت وقال بكر المزني إذا أردت أن تنفعك صلاتك فقل لعلي لا أصلي غيرها وهذا مأخوذ مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صل صلاة مودع وأقام معروف الكرخي الصلاة ثم قال لرجل تقدم فصل بنا فقال الرجل إني إن صليت بكم هذه الصلاة لم أصل بكم غيرها فقال معروف وأنت تحدث نفسك أنك تصلي صلاة أخرى نعوذ بالله من طول الأمل فإنه يمنع خير العمل وطرق بعضهم باب أخ له فسأل عنه فقيل له ليس هو في البيت فقال متي يرجع فقالت له جارية من البيت من كانت نفسه في يد غيره من يعلم متي يرجع ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام