words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأحد، 11 مارس 2018

الجزاء من جنس العمل


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الأصل في المؤمن أنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء" أخرجه الترمذي (1977)، وحسنه، وصححه ابن حبان (192)، والحاكم 1/ 12.
فالمؤمن بعيد عن السب والشتم ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جد ولا هزل ولا في رضا أو غضب، قال الله تعالى {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}، وعن أنس بن مالك "أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: السام عليكم.
فقالت عائشة: السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير، ولعنة الله وغضبه، فقال: يا عائشة، مه. فقالت: يا رسول الله أما سمعت ما قالوا؟ قال: أو ما سمعت ما رددت عليهم؟ يا عائشة، لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شانه".
أخرجه أحمد 3/ 241، ومن طريقه الضياء في "الأحاديث المختارة" (1668) بإسناد فيه ضعف، والشطر الأخير صحيح.
وفي لفظ بإسناد صحيح عند الترمذي (1974)، وابن ماجه (4185)، وأحمد 3/ 165، وابن حبان (551) "ولا كان الفحش في شيء قط إلا شانه".
وإن اللفظ الذي ورد في قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه لعروة، لم يكن لابتداء الكلام به، فالذي حمل أبو بكر عليه هو أنه أراد المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يُعبد مقام أمه، وحمَله على ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلى الفرار، فهو خرج تأديبا لمن أجرم في القول، أو الفعل، فاستحق أن يسب زجرا لجرمه، فجاء هذا اللفظ مقابلة لدعوى عروة الكاذبة، فجزاء العامل من جنس عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر: {جَزَاءً وِفَاقا}.
ونحوه "أعضوه بهن أبيه" فهو عقوبة لمن دعا بدعوى الجاهلية، أي: أنه شُرع ردّا على مرتكبٍ لمحرَّم وهو التعصب الجاهلي لأنه يدعو برجل من أهل النار، فقد كان يقول أهل الجاهلية: يا لبكر، يا لتميم، يا لهمدان!!
فمن دعا كذلك من هؤلاء الجاهلية الذين من أهل النار: كان مستحقّا للعقوبة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوبته أن يقابل بالاستخفاف بمن دعاه، وبالذي دعا إليه، ولينتهي الناس عن هذه الدعوة الجاهلية، وإلا فالأصل في المسلم أنه لا يكون بذيئا لكن إذا وجد من هذه صفته فوجب عليه أن ينكر عليه أشد النكير حتى يرتدع عن فعله.
قال ابن المنير:
 "في قول أبي بكر تخسيس للعدو، وتكذيبهم، وتعريض بإلزامهم من قولهم (إن اللات بنت الله!!) تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، بأنها لو كانت بنتا:
لكان لها ما يكون للإناث".
وقال ابن القيم:
"وفي قول الصِّدِّيق لعروة (امصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ) دليلٌ على جواز التصريح باسم العَوْرة، إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصرَّح لمن ادَّعى دعوى الجاهلية بِهَنِ أبيه، ويقال له (اعضُضْ أيْرَ أبيك) ولا يُكْنَى له، فلكل مقام مقال".

كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
23 – جمادي الآخرة – 1439 هجري



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام